يقيم معهد ترفانتس في بيروت وبتعاون مشترك بين السفارة الاسبانية في لبنان وبنك عوده معرضاً تشكيلياً كبيراً للفنان الاسباني بيلار كوسيو بعنوان "الحلم" وذلك في فيلا عودة، الاشرفية من 28 الجاري والى التاسع والعشرين من تشرين الأول المقبل. معرض كبير يتضمن رسوماً وصوراً وتجهيزات وعناصر فنية مثيرة لواحد من كبار الرسامين الاسبان (مواليد 1950) يجمع ما بين دراسة الفلسفة والأدب ودراسة الرسم.

كوسيو يقيم منذ العام 1990 معارض فردية في اسبانيا، ايطاليا، البرتغال، انكلترا، المانيا، تونس ومصر وأعماله تعرض في متاحف عالمية عدة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
أعماله لعبة فنية مختلفة تفتح الأعين على تشخيص بمزاج خاص وحساسية عالية تلك المحيطة بالحياة المعاصرة واليومية ولكن ببعد آخر للزمن والمكان والفراغ والاحتماء بإحساس عميق وساحر يصرّ أن يظهر عادياً مقارنة بجيل المبدعين الاسبان الكبار.
عالم بيلار كوسيو عالم تعبيري بقواسم مشتركة ما بين اليومي الواقعي والسريالي أو الخيالي الى عالم مشبع بالطفولة وبتلقائية طازجة تظهر في زوايا مستحيلة الى الوجوه وطبقات من الذاكرة على أرضيات مختلفة وأمكنة مختلفة، وصور كمدن تشتعل بأمكنة حالمة.
أهمية في الشغل التجريبي الدائم في تطور ملحوظ للفتة الفنية وفي استجابة للحاجة الدائمة للتفجر والابداع وشغفه يتجاوز الحدود والاطار الواحد باتجاه تجريبية حرة باتجاهات وحقول شتى وتلك اللعبة الإيحائية والشفافية العالية.
يرتكز عمل بيلار على الحركة، وحدها الحركة الفنية والجرأة في عدم التوقف هي الكافية بولادة عمله الفني وهذا لا يلغي الدقة في التنفيذ والملاحظة والتناسب في الأحجام والأشكال والصور والاطار في هندسة بإيقاع موسيقي بناء وحيث الموسيقى تصير هي الحركة.
يشتغل بيلار جيداً على فضاء اللوحة الواسع في حدود العين العابرة لإطار التابلوات على اعتبار العمق الفني يصير جسداً متحركاً في مكانه أو جسداً راقصاً بالمرايا المتوازية والمتناغمة وبالموسيقى التي تصير صوراً وألواناً. وبدورها الألوان والصور تصير موسيقى وأصواتاً.
أعمال بيلار تأتي متناغمة أيضاً مع الجدران مع الحجارة والمادة الخشبية ومع الطبيعة الصامتة ومع ضوء اللوحة ما يعتبره عصر الضوء، الصورة واللغة الشعرية الحالمة المتقدمة في اللوحة كقصيدة شعرية.
مسرحة
في أعماله يهتم بيلار كثيراً بمسرحة عناصر لوحته وبالمساحات الضوئية وبالوجوه وبالهيروغليفية غير المحددة، أما التجهيزات المعلقة فهي عملية تكوين واعادة تكوين لمجاميع وغبار وأفكار وتركيبات تلقائية لتثبيت أفكار محددة كبناء نفق في العالم او مجسم هندي مخروطي متصل مع الكون بما يقود الى حالة فكرية حسية ما.
وبيلار في حركته الفنية لا يتوقف، حيوي ودينامي، لا يقف على مسافة ما من الفراغ ولديه اجوبته الرمزية، ذاكرة، معرفته التي تسكن في المكان كما سيكولوجي في أفكار مادية ورغبات وأعماله لا تقتصر على سطح اللوحة أو الأشياء وانما تذهب الى عمق الأشياء، عمق الأحلام الساحرة والمركز الهندسي للحلم، كل ذلك انطلاقاً من تلك الحميمية التي تجمعه بالأمكنة التي عرفها أو تلك التي ولد فيها ويشعر بها في اعماله. الأمكنة مع تلك الأحذية التي تظهر مراراً في عدة اعمال في اطار دائم من الحركة في الماضي والمستقبل مع الحاجة الى الحركة والعناصر المأخوذة والمرتجعة في اللون، كأنه النفس الانسانية في مكانها الآخر.
معرض لافت لميتافيزيقية فنية مركبة تصير معها الأعمال حيث تجتمع بجاذبية هندسية ليست سهلة دلالات الأشياء وليست الأشياء نفسها، صدى لحرية وحواس في أمكنة اخرى بمرجعيات فلسفية وميتافيزيقية متداخلة من فرويد الى هايدغر وتؤسس لكائن تجهزه خارج الاطار المألوف الذي يملك المعنى ويظهر كأنه يغشى نفسه في المعطى الفيزيائي والروحي معاً.
معرض للزيارة الواسعة في بيروت مثلها مثل عواصم اخرى ثقافية وتاريخية والتي تعيش أياماً مركبة وصعبة. والمعرض يفتح نافذة على مكان آخر، على الضوء واللون، الأمل في معرض معظم اعماله شفاءً للروح.






يقظان التقي
almustaqbal.com
almustaqbal.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق