بعد يومين فقط يكون قد مر عام وثلاثة أشهر على افتتاح الوزير الدكتور غازي القصيبي ـ يرحمه الله ـ معرض «كركتر في أرض السعودة»، الذي أقيم في مقر وزارة العمل بالتعاون بينها وبين صحيفة «الاقتصادية» وبمشاركة عدد من الأطفال الأيتام من جمعية إنسان، ولم تكن استجابة الأديب الكبير المحب للفن الكاريكاتيري حينها للمبادرة الفنية الخيرية موقفاً آنياً فقط، لكنها كذلك أثمرت عن اعتماده إقامة معرض سنوي لرسامي الكاريكاتير السعوديين في وزارة العمل، وهذا معرض يختلف عن ذلك المقام بشكل دائم من خلال اللوحات الكاريكاتيرية المعلقة في أروقة الوزارة، وطالب بأن يتواصل تعاون الوزارة مع صحيفة «الاقتصادية» في مزيد من المناسبات الثقافية والاجتماعية المشتركة، ولعل من المناسب الإشارة إلى أنه كان من المفترض أن تضع الشهور القليلة الماضية اللمسات الأخيرة على النسخة الثانية من المعرض، غير أن مرض القصيبي كان سبباً لتأجيل هذه الفكرة التي فقدت حضور غازي بها مجددا، لكنها ستحتفظ إلى الأبد بكونه راعيها وملهمها الأول.

في المعرض.. شارك الأطفال في الرسم.. ورسم (فيل) وعلق بروحه المرحة «لا أعرف أن أرسم إلا فيل، وربما هذا له علاقة بجسمي!».

.. وهنا يطلع باهتمام أبوي على أعمال الأطفال الأيتام من جمعية إنسان.

جانب من معرض كركتر في أرض السعودة الذي عقد العام الماضي في وزارة العمل.
الرسم مع الأطفال .. وحكاية «الفيل»
من كان يعرف غازي القصيبي عن قرب يعلم بالضرورة مدى ما امتلكه هذا الرجل من روح دعابة وخفة ظل، وفي معرض «كركتر» تجلت تلك الروح الجميلة لدى وزير العمل الذي تجاذبت تعليقاته أطراف السخرية مع اللوحات الكاريكاتيرية المعروضة، وحين كان الزميل عبد الله صايل يشرح له الأفكار المطروحة بين لوحة وأخرى كان غازي يؤكد له كل مرة أنه يتذكر جيدا هذه اللوحة أو تلك، علق مبتسماً على إحدى اللوحات «هذي بالذات معلقها في بيتي!»، وحين انتهت الجولة وقرر أن يشارك الأطفال الرسم قال القصيبي إنه لم يكن يجيد رسم شيء سوى الفيل!!، وعلق مازحاً «ربما لهذا علاقة بحجمي!» .. في تلك الأثناء كان بالفعل قد رسم فيلاً متقناً بخطوط بالغة الدقة، وكأن عدم إجادته لرسم أشياء أخرى كان نتيجة لاختزال موهبته كلها في ذلك الرسم تحديدا!

الدكتور غازي القصيبي متحدثا عن فن الكاريكاتير وعلاقته بالمسؤولين وقضايا المجتمع.
محاضرة ممتعة عن الكاريكاتير
في الحفل الخطابي المقتضب لمعرض كركتر اختار القصيبي أن تكون كلمته تلقائية دون إعداد مسبق ليبدأ ومن على المنبر الرسمي لوزارته الحديث عن حكايات من النوع الذي لم يعهده ذلك المنبر من قبل، فيقول»كنت أسوأ طالب في مادة الرسم حين كانت مادة ينجح ويرسب فيها الطلاب، حيث لم أتجاوز درجة 4 من 20 وهي الدرجة المطلوبة للنجاح، وحصلت في إحدى المرات على الدرجة (صفر) بعد أن بقيت أرسم وألون لمدة أربع ساعات» يضيف أنه سأل المعلم حينها عن الفرق بين مردود هذا الجهد الذي بذله وما سيحصل عليه لو كان سلمها فارغة؟ فأجابه المعلم بأن الاحتمال الأخير كان سيمنحه درجة أقل قد تصل لدرجة النجاح!!
تناول القصيبي كذلك تاريخ الكاريكاتير، مشيرا إلى أنه يضاهي الفن التشكيلي في بروزه كوسيلة تعبيرية وابن شرعي لحركات التنوير التي شهدتها أوروبا في نهاية القرون الوسطى، وأضاف «الكاريكاتير يمثل تمردا وخروجا عن المألوف الفني تماما كالفن الروائي في خروجه عن الوضع التقليدي للأدب، الرسم الكاريكاتيري يعكس الروح الفردية التي قامت حركات التنوير بتفعيلها كتعبير فني في مقابل ما كان يمارس ضدها من قمع وتكميم من جهات عدة في ذلك الوقت، وقد نجح هذا الفن في تقديم الشخصيات المحاطة بالهالة والمهابة في صورتهم الإنسانية العادية التي لا تخلو من العيوب ونقاط الضعف».

القصيبي أثناء جولته في معرض كركتر برفقة الزميل عبد الله صايل.
وقد اعتبر القصيبي أن الكاريكاتير يمثل سلاحا فعالا يلعب دورا حاسما ومؤثرا في عدة مجالات، متطرقا للنسخ المحلية من هذا الفن فيقول «كان الرسام الخرجي هو أول من أسس لوجود الكاريكاتير في الصحافة المحلية، وبعده «أخذ هذا الشكل التعبيري يتطور حتى شب عن الطوق وأصبح فناً»
القصيبي الذي عبر عن سعادته باستضافة وزارة العمل معرض كركتر، أكد اهتمامه وقبوله بكل الرسوم الكاريكاتيرية التي تتناول وزارته مهما كان النقد فيها لاذعاً، كما أشار إلى أن غرور أي شخصية يجعل الريشة أقسى في تناولها فنيا وأضاف «شعور المسؤول بالغرور ورفض النقد يعني مباشرة أنه انتهى وبات مسؤولا سابقاً، فالواجب هو ألا ينسى كونه موجودا لخدمة شعب، ووظيفة الكاريكاتير هي أن يذكره بمهمته الرئيسة «ليقول الوزير الأديب لاحقا وهو يخاطب الرسامين «استمروا في طريقكم، فالفن جزء أساسي من حركة المجتمع ونبض الحياة، ولا تخشوا النقد فكل من رضي أن يتولى وظيفة عامة فعليه أن يتقبل ما يأتيه من سهام».

.. وهنا يستمع إلى شرح حول النشاط الاجتماعي المصاحب لمعرض الكاريكاتير.
ليعلق لاحقا بروحه الساخرة المعتادة «بالنسبة لي، فقد أهداني وزير العمل السوداني جلد تمساح كاملا، وسأرتديه ليحميني كلما قرأت الصحف صباحا، فافعلوا ما بوسعكم!!».

طفل يتأمل إحدى لوحات المعرض.
علق القصيبي على الرسوم المسيئة لسيد الخلق فاعتبرها عملا إرهابيا لا يمت للفن بصلة، وأن من قاموا بها لا يجب ألا يعطوا أكثر مما يستحقون، مستشهدا بالآية الكريمة «ورفعنا لك ذكرك» على حماية الله تعالى لرسوله الكريم وتنزيهه لذكره عن أي إساءة، تحدث عن اهتمامه بجمع الكاريكاتيرات التي باتت تملأ جنبات الوزارة وأنه يلجأ لبعضها حين تزداد عليه ضغوط العمل ليجد فيها بعض الترويح، ردد عبارة حازت إعجاب الحضور، وهي «نؤمن بحرية التعبير والكلمة.. حتى لو كنا أول ضحاياها» كما لم يخل اللقاء من تعليقات وزير العمل الذي أضفى روحا جميلة على المناسبة، كما استحضر شخصيته الأدبية الفذة وهو يتحدث عن الشعر الهجائي والفوارق الفنية بين سخريته وما دونها، مشيرا إلى ابن الرومي، وذاكرا في السياق نفسه أبياتا من الشعر العربي تضمنت صورا كاريكاتيرية، منها ما يسخر من الأنف وغير ذلك، طارحا في الإطار ذاته بعض الأبيات التي وجهها للشاعر البحريني عبد الرحمن رفيع في إخوانياتهما المعروفة، القصيبي أبدى إعجابه بشخصية كالح بن فالح الشهيرة لرسام «الاقتصادية» فهد الخميسي، غير أنه طالبه بأن تكون أكثر إشراقا وتفاؤلا لتكون رمزا قابلا لتمثيل المواطن السعودي، كما لم يخل حديثه عن توضيح لتساؤلات تدور حول نظام العمل والتوظيف فأشار إلى انتفاء كلمة «كفيل» من أدبيات وزارة العمل، كما طالب المواطنين بتفكير تطويري استثماري يكفل لهم تحقيق الوظائف من خلال حسن إدارة المبالغ المالية والقروض التي يحصلون عليها مشيرا إلى نماذج مشرقة وقف عليها في هذا الجانب، والحقيقة، أن المحصلة، العامة لحديث القصيبي حملت من كل بساتين المجالات زهورا في التحدث عنها ضمن إطار من شفافية التناول وخفة روح الأسلوب ومصداقية الطرح، التي تجعل الوقوف مع القصيبي والاستماع إليه أمرا بالغ المتعة بقدر ما هو أمر يوجب امتلاك قدر متساو من التركيز الفكري والاستمتاع الأدبي، ولعل هذا السبب الحقيقي وليس عامل الوقت في تحول «الكليمة» إلى محاضرة على حد تعبير القصيبي، وهو التعبير الذي كان دقيقاً بالفعل!

صورة تذكارية تجمع الوزير الأديب مع أحد الشباب.
الوزير الفنان في مشهد الذاكرة
بالنسبة لشخص عايش ذلك اليوم، تصبح عملية الوصف على درجة من الصعوبة كما ينطوي عدم المحاولة على حرمان كثيرين من معرفة أشياء ستزيدهم محبة لتلك الشخصية الجميلة، من حقهم أن يعرفوا أن غازي القصيبي حرص على اقتناء لوحة تشكيلية لأحد أبناء جمعية إنسان، وأنه وقف ليستمع إلى قصيدة وطنية من الطفل الموهوب محمد الجبرين بل رد عليه ببيت شعري على نفس القافية والوزن، بل سيكون علي أن أخبرهم الآن بأن العنفوان الرائع الذي بدا عليه الوزير الشاعر حينها كان يوحي لكل من يشاهده بديهياً أن رجلاً عادياً لا يستطيع مواجهة كل تلك التحديات والاضطلاع بكل تلك المسؤوليات لولا أنه يتمتع بدرجة عالية من خفة الروح وتلقائية التصرف والصفاء النفسي والذهني، سأخبرهم بأن أديبهم الجميل لم يغادر مقر الحفل قبل أن يتساءل:» باقي أحد؟» وذلك بعد أن توقف أكثر من مرة لالتقاط صور تذكارية مع صحفيين وزوار ومحبين .. كأنه لم يرد أن يغادر وفي نفس أحد حاجة لديه ولو كانت مجرد رغبة في التقاط صورة للذكرى!
هيثم السيد من الرياض
صحيفة الاقتصادية

في المعرض.. شارك الأطفال في الرسم.. ورسم (فيل) وعلق بروحه المرحة «لا أعرف أن أرسم إلا فيل، وربما هذا له علاقة بجسمي!».

.. وهنا يطلع باهتمام أبوي على أعمال الأطفال الأيتام من جمعية إنسان.

جانب من معرض كركتر في أرض السعودة الذي عقد العام الماضي في وزارة العمل.
الرسم مع الأطفال .. وحكاية «الفيل»
من كان يعرف غازي القصيبي عن قرب يعلم بالضرورة مدى ما امتلكه هذا الرجل من روح دعابة وخفة ظل، وفي معرض «كركتر» تجلت تلك الروح الجميلة لدى وزير العمل الذي تجاذبت تعليقاته أطراف السخرية مع اللوحات الكاريكاتيرية المعروضة، وحين كان الزميل عبد الله صايل يشرح له الأفكار المطروحة بين لوحة وأخرى كان غازي يؤكد له كل مرة أنه يتذكر جيدا هذه اللوحة أو تلك، علق مبتسماً على إحدى اللوحات «هذي بالذات معلقها في بيتي!»، وحين انتهت الجولة وقرر أن يشارك الأطفال الرسم قال القصيبي إنه لم يكن يجيد رسم شيء سوى الفيل!!، وعلق مازحاً «ربما لهذا علاقة بحجمي!» .. في تلك الأثناء كان بالفعل قد رسم فيلاً متقناً بخطوط بالغة الدقة، وكأن عدم إجادته لرسم أشياء أخرى كان نتيجة لاختزال موهبته كلها في ذلك الرسم تحديدا!

الدكتور غازي القصيبي متحدثا عن فن الكاريكاتير وعلاقته بالمسؤولين وقضايا المجتمع.
محاضرة ممتعة عن الكاريكاتير
في الحفل الخطابي المقتضب لمعرض كركتر اختار القصيبي أن تكون كلمته تلقائية دون إعداد مسبق ليبدأ ومن على المنبر الرسمي لوزارته الحديث عن حكايات من النوع الذي لم يعهده ذلك المنبر من قبل، فيقول»كنت أسوأ طالب في مادة الرسم حين كانت مادة ينجح ويرسب فيها الطلاب، حيث لم أتجاوز درجة 4 من 20 وهي الدرجة المطلوبة للنجاح، وحصلت في إحدى المرات على الدرجة (صفر) بعد أن بقيت أرسم وألون لمدة أربع ساعات» يضيف أنه سأل المعلم حينها عن الفرق بين مردود هذا الجهد الذي بذله وما سيحصل عليه لو كان سلمها فارغة؟ فأجابه المعلم بأن الاحتمال الأخير كان سيمنحه درجة أقل قد تصل لدرجة النجاح!!
تناول القصيبي كذلك تاريخ الكاريكاتير، مشيرا إلى أنه يضاهي الفن التشكيلي في بروزه كوسيلة تعبيرية وابن شرعي لحركات التنوير التي شهدتها أوروبا في نهاية القرون الوسطى، وأضاف «الكاريكاتير يمثل تمردا وخروجا عن المألوف الفني تماما كالفن الروائي في خروجه عن الوضع التقليدي للأدب، الرسم الكاريكاتيري يعكس الروح الفردية التي قامت حركات التنوير بتفعيلها كتعبير فني في مقابل ما كان يمارس ضدها من قمع وتكميم من جهات عدة في ذلك الوقت، وقد نجح هذا الفن في تقديم الشخصيات المحاطة بالهالة والمهابة في صورتهم الإنسانية العادية التي لا تخلو من العيوب ونقاط الضعف».

القصيبي أثناء جولته في معرض كركتر برفقة الزميل عبد الله صايل.
وقد اعتبر القصيبي أن الكاريكاتير يمثل سلاحا فعالا يلعب دورا حاسما ومؤثرا في عدة مجالات، متطرقا للنسخ المحلية من هذا الفن فيقول «كان الرسام الخرجي هو أول من أسس لوجود الكاريكاتير في الصحافة المحلية، وبعده «أخذ هذا الشكل التعبيري يتطور حتى شب عن الطوق وأصبح فناً»
القصيبي الذي عبر عن سعادته باستضافة وزارة العمل معرض كركتر، أكد اهتمامه وقبوله بكل الرسوم الكاريكاتيرية التي تتناول وزارته مهما كان النقد فيها لاذعاً، كما أشار إلى أن غرور أي شخصية يجعل الريشة أقسى في تناولها فنيا وأضاف «شعور المسؤول بالغرور ورفض النقد يعني مباشرة أنه انتهى وبات مسؤولا سابقاً، فالواجب هو ألا ينسى كونه موجودا لخدمة شعب، ووظيفة الكاريكاتير هي أن يذكره بمهمته الرئيسة «ليقول الوزير الأديب لاحقا وهو يخاطب الرسامين «استمروا في طريقكم، فالفن جزء أساسي من حركة المجتمع ونبض الحياة، ولا تخشوا النقد فكل من رضي أن يتولى وظيفة عامة فعليه أن يتقبل ما يأتيه من سهام».

.. وهنا يستمع إلى شرح حول النشاط الاجتماعي المصاحب لمعرض الكاريكاتير.
ليعلق لاحقا بروحه الساخرة المعتادة «بالنسبة لي، فقد أهداني وزير العمل السوداني جلد تمساح كاملا، وسأرتديه ليحميني كلما قرأت الصحف صباحا، فافعلوا ما بوسعكم!!».

طفل يتأمل إحدى لوحات المعرض.
علق القصيبي على الرسوم المسيئة لسيد الخلق فاعتبرها عملا إرهابيا لا يمت للفن بصلة، وأن من قاموا بها لا يجب ألا يعطوا أكثر مما يستحقون، مستشهدا بالآية الكريمة «ورفعنا لك ذكرك» على حماية الله تعالى لرسوله الكريم وتنزيهه لذكره عن أي إساءة، تحدث عن اهتمامه بجمع الكاريكاتيرات التي باتت تملأ جنبات الوزارة وأنه يلجأ لبعضها حين تزداد عليه ضغوط العمل ليجد فيها بعض الترويح، ردد عبارة حازت إعجاب الحضور، وهي «نؤمن بحرية التعبير والكلمة.. حتى لو كنا أول ضحاياها» كما لم يخل اللقاء من تعليقات وزير العمل الذي أضفى روحا جميلة على المناسبة، كما استحضر شخصيته الأدبية الفذة وهو يتحدث عن الشعر الهجائي والفوارق الفنية بين سخريته وما دونها، مشيرا إلى ابن الرومي، وذاكرا في السياق نفسه أبياتا من الشعر العربي تضمنت صورا كاريكاتيرية، منها ما يسخر من الأنف وغير ذلك، طارحا في الإطار ذاته بعض الأبيات التي وجهها للشاعر البحريني عبد الرحمن رفيع في إخوانياتهما المعروفة، القصيبي أبدى إعجابه بشخصية كالح بن فالح الشهيرة لرسام «الاقتصادية» فهد الخميسي، غير أنه طالبه بأن تكون أكثر إشراقا وتفاؤلا لتكون رمزا قابلا لتمثيل المواطن السعودي، كما لم يخل حديثه عن توضيح لتساؤلات تدور حول نظام العمل والتوظيف فأشار إلى انتفاء كلمة «كفيل» من أدبيات وزارة العمل، كما طالب المواطنين بتفكير تطويري استثماري يكفل لهم تحقيق الوظائف من خلال حسن إدارة المبالغ المالية والقروض التي يحصلون عليها مشيرا إلى نماذج مشرقة وقف عليها في هذا الجانب، والحقيقة، أن المحصلة، العامة لحديث القصيبي حملت من كل بساتين المجالات زهورا في التحدث عنها ضمن إطار من شفافية التناول وخفة روح الأسلوب ومصداقية الطرح، التي تجعل الوقوف مع القصيبي والاستماع إليه أمرا بالغ المتعة بقدر ما هو أمر يوجب امتلاك قدر متساو من التركيز الفكري والاستمتاع الأدبي، ولعل هذا السبب الحقيقي وليس عامل الوقت في تحول «الكليمة» إلى محاضرة على حد تعبير القصيبي، وهو التعبير الذي كان دقيقاً بالفعل!

صورة تذكارية تجمع الوزير الأديب مع أحد الشباب.
الوزير الفنان في مشهد الذاكرة
بالنسبة لشخص عايش ذلك اليوم، تصبح عملية الوصف على درجة من الصعوبة كما ينطوي عدم المحاولة على حرمان كثيرين من معرفة أشياء ستزيدهم محبة لتلك الشخصية الجميلة، من حقهم أن يعرفوا أن غازي القصيبي حرص على اقتناء لوحة تشكيلية لأحد أبناء جمعية إنسان، وأنه وقف ليستمع إلى قصيدة وطنية من الطفل الموهوب محمد الجبرين بل رد عليه ببيت شعري على نفس القافية والوزن، بل سيكون علي أن أخبرهم الآن بأن العنفوان الرائع الذي بدا عليه الوزير الشاعر حينها كان يوحي لكل من يشاهده بديهياً أن رجلاً عادياً لا يستطيع مواجهة كل تلك التحديات والاضطلاع بكل تلك المسؤوليات لولا أنه يتمتع بدرجة عالية من خفة الروح وتلقائية التصرف والصفاء النفسي والذهني، سأخبرهم بأن أديبهم الجميل لم يغادر مقر الحفل قبل أن يتساءل:» باقي أحد؟» وذلك بعد أن توقف أكثر من مرة لالتقاط صور تذكارية مع صحفيين وزوار ومحبين .. كأنه لم يرد أن يغادر وفي نفس أحد حاجة لديه ولو كانت مجرد رغبة في التقاط صورة للذكرى!
هيثم السيد من الرياض
صحيفة الاقتصادية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق