إنها معاناة غزة وأهلها تتجسد في معرض تشكيلي للفنان النرويجي هوكون جولفوك والذي حمل عنوان “الأرض المقدسة”. ولقد اختار هوكون لبنان ليقيم فيه معرضه الفني بين أروقة قصر الأونيسكو العريق ليقدم رسالة مبطنة تؤكد على تضامنه مع المقاومة على كافة أشكالها وخصوصا المقاومة الفنية التي تستطيع أن تصل قوتها وذخيرتها ومداها إلى كل أنحاء المعمورة.

لقد استطاع هوكون في معرض “الأرض المقدسة” أن يظهر بوضوح معاناة أهل هذه الأرض بعد ارتكاب العدو الإسرائيلي مجازره فيها، وكأنه يحاول أن يجعل المعاناة اللونية نوعا من الصراخ الذي تسمح للمعتدي عليه أن يدخل في مبارزة واضحة مع المعتدي. وكانت عدة هوكون في هذه المعركة الألوان وقوة التعبير وليس السلاح والنار، والتي قدمها في لوحات كبيرة مركزا على غضب الأرض، والعيون القلقة الخائفة والعذاب الذي يملأ النفوس والقلوب والعقول المقاومة. وهذا كله دفعه لاستخدام ألوان صارخة لا تعرف الهدوء.
في لوحات هوكون، نجد أنه جعل من أرض غزة مسرحا لجريمة يومية، يرتكب فيها العدو الإسرائيلي أبشع الجرائم بحق الإنسانية. فهو لا يكتفي بقتل الرجال وهدم البنيان وتعذيب النساء والأطفال بل يطاول الحيوان بعدوانه.
ومن هنا أراد هوكون أن يؤكد على هوية القاتل برسم واضح للعلم الإسرائيلي بين الضحايا والقتلى والجرحى من أهالي غزة. لذلك قد تبدو لوحات المعرض للبعض قاسية في مفرداتها ورسومها وألوانها ربما لتعبر عن إجرام العدو الإسرائيلي بحق سكان غزة. ولكن ربما تلك الرسوم والألوان لم تكن كافية بالنسبة لهوكون حتى يصف ما على الأرض الغزاوية من معاناة. لذلك حول جزءا من معطيات الواقع الفلسطيني إلى جزء من أسطورة ألم التي تبتعد قليلا عن الأحداث المعقولة، لتطلق العنان لخيال مشاهد لوحات هوكون فيرسم صورة ما للجرم الإسرائيلي في غزة وفلسطين.
ولعل هذا كله أتى حسب هوكون بعد زيارته إلى جدار الفصل العنصري حيث شاهد بأم العين كيف يقتل الفلسطينيون دون رحمة وكيف يحول العدو الإسرائيلي النار والرصاص إلى مطر ينهمر على رؤوس المقاومين. ويقول: “لذلك لم أتوان عن تسجيل اعتراضي كفنان وكإنسان على جدار الفصل العنصري رافضا السلوك الإسرائيلي المجرم”.
وهذا يفسر لماذا رسم هوكون سفينة نوح التي صوّرها في طوفان من الدماء، ثم صوّر لنا فارساً فوق جواد هزيل، فوقه جواد آخر مبتور الرأس. ويعلل ذلك قائلا: “أردت أن أضع المتلقي أمام أحداث ومشاهد لا يراها إلا في كوابيسه الليلية السوداء”.
ومن ناحية أخرى يرجع هوكون استخدامه الواسع للونين الأحمر والأسود في هذا المعرض للتعبير عن المجازر والأحزان السائدة في غزة، دون غياب للألوان الترابية التي يتداخل فاتحـها بغامقها “تعبيرا عن القنابل الفوسـفورية المحرمة التي استعملها العدو الإسرائيلي في حرب” غزة” على حد تعبيره.
وعلى الرغم من حضور واضح لحالة الرفض والاحتجاج والاستنكار التي قدمها هوكون في لوحات معرضه إلا أنه ترك للتجريد والرموز مساحة واسعة. كما أفسح المجال للألوان أن تتحرك بحرية وعنف وتلقائية في فضاء لوحته، حتى أنه جعل الخوذ العسكرية تحل مكان الجند، جاعلا منها لعب فنية وتشكيلات عسكرية يسخر منها كما يشاء.
وفي لوحة أخرى أظهر الجنود بلا ملامح. وفي مكان آخر جعل القسوة عنوانا وحيدا لسماتهم حتى تتناغم مع الحرب والقتل والموت الذي يبعثر نفسه في حياة الفلسطينيين.
إلا أن اللافت في معرض هوكون أنه جعل من قضية إنسانية عالمية مادة فنية دسمة لمعرضه التشكيلي بعد أن استفزه العنف الإسرائيلي بحق أهل غزة. وهذا يؤكد على ضرورة التماهي بين الفنان وما يحيط به من أحداث ليكون على تماس دائم بالواقع والناس. ويستطيع أن يعبر عن مكنونهم الجمعي ومخزونه الفردي الخاص. وهذا ما يؤكد عليه هوكون قائلا: “يجب أن يكون الفن سلاحاً في يد صاحبه ليستخدمه ساعة يشاء. لذلك انطلقت في معرضي هذا من غزة وفلسطين إلى العالم كله، معتبراً أن هذا السجن، الذي أرمز إليه بالكثير من النوافذ المسيّجة، مفتوح على المعمورة والتي تطل على هذا السجن من الخارج”.
أسماء وهبة
صحيفة الاتحاد

لقد استطاع هوكون في معرض “الأرض المقدسة” أن يظهر بوضوح معاناة أهل هذه الأرض بعد ارتكاب العدو الإسرائيلي مجازره فيها، وكأنه يحاول أن يجعل المعاناة اللونية نوعا من الصراخ الذي تسمح للمعتدي عليه أن يدخل في مبارزة واضحة مع المعتدي. وكانت عدة هوكون في هذه المعركة الألوان وقوة التعبير وليس السلاح والنار، والتي قدمها في لوحات كبيرة مركزا على غضب الأرض، والعيون القلقة الخائفة والعذاب الذي يملأ النفوس والقلوب والعقول المقاومة. وهذا كله دفعه لاستخدام ألوان صارخة لا تعرف الهدوء.
في لوحات هوكون، نجد أنه جعل من أرض غزة مسرحا لجريمة يومية، يرتكب فيها العدو الإسرائيلي أبشع الجرائم بحق الإنسانية. فهو لا يكتفي بقتل الرجال وهدم البنيان وتعذيب النساء والأطفال بل يطاول الحيوان بعدوانه.
ومن هنا أراد هوكون أن يؤكد على هوية القاتل برسم واضح للعلم الإسرائيلي بين الضحايا والقتلى والجرحى من أهالي غزة. لذلك قد تبدو لوحات المعرض للبعض قاسية في مفرداتها ورسومها وألوانها ربما لتعبر عن إجرام العدو الإسرائيلي بحق سكان غزة. ولكن ربما تلك الرسوم والألوان لم تكن كافية بالنسبة لهوكون حتى يصف ما على الأرض الغزاوية من معاناة. لذلك حول جزءا من معطيات الواقع الفلسطيني إلى جزء من أسطورة ألم التي تبتعد قليلا عن الأحداث المعقولة، لتطلق العنان لخيال مشاهد لوحات هوكون فيرسم صورة ما للجرم الإسرائيلي في غزة وفلسطين.
ولعل هذا كله أتى حسب هوكون بعد زيارته إلى جدار الفصل العنصري حيث شاهد بأم العين كيف يقتل الفلسطينيون دون رحمة وكيف يحول العدو الإسرائيلي النار والرصاص إلى مطر ينهمر على رؤوس المقاومين. ويقول: “لذلك لم أتوان عن تسجيل اعتراضي كفنان وكإنسان على جدار الفصل العنصري رافضا السلوك الإسرائيلي المجرم”.
وهذا يفسر لماذا رسم هوكون سفينة نوح التي صوّرها في طوفان من الدماء، ثم صوّر لنا فارساً فوق جواد هزيل، فوقه جواد آخر مبتور الرأس. ويعلل ذلك قائلا: “أردت أن أضع المتلقي أمام أحداث ومشاهد لا يراها إلا في كوابيسه الليلية السوداء”.
ومن ناحية أخرى يرجع هوكون استخدامه الواسع للونين الأحمر والأسود في هذا المعرض للتعبير عن المجازر والأحزان السائدة في غزة، دون غياب للألوان الترابية التي يتداخل فاتحـها بغامقها “تعبيرا عن القنابل الفوسـفورية المحرمة التي استعملها العدو الإسرائيلي في حرب” غزة” على حد تعبيره.
وعلى الرغم من حضور واضح لحالة الرفض والاحتجاج والاستنكار التي قدمها هوكون في لوحات معرضه إلا أنه ترك للتجريد والرموز مساحة واسعة. كما أفسح المجال للألوان أن تتحرك بحرية وعنف وتلقائية في فضاء لوحته، حتى أنه جعل الخوذ العسكرية تحل مكان الجند، جاعلا منها لعب فنية وتشكيلات عسكرية يسخر منها كما يشاء.
وفي لوحة أخرى أظهر الجنود بلا ملامح. وفي مكان آخر جعل القسوة عنوانا وحيدا لسماتهم حتى تتناغم مع الحرب والقتل والموت الذي يبعثر نفسه في حياة الفلسطينيين.
إلا أن اللافت في معرض هوكون أنه جعل من قضية إنسانية عالمية مادة فنية دسمة لمعرضه التشكيلي بعد أن استفزه العنف الإسرائيلي بحق أهل غزة. وهذا يؤكد على ضرورة التماهي بين الفنان وما يحيط به من أحداث ليكون على تماس دائم بالواقع والناس. ويستطيع أن يعبر عن مكنونهم الجمعي ومخزونه الفردي الخاص. وهذا ما يؤكد عليه هوكون قائلا: “يجب أن يكون الفن سلاحاً في يد صاحبه ليستخدمه ساعة يشاء. لذلك انطلقت في معرضي هذا من غزة وفلسطين إلى العالم كله، معتبراً أن هذا السجن، الذي أرمز إليه بالكثير من النوافذ المسيّجة، مفتوح على المعمورة والتي تطل على هذا السجن من الخارج”.
أسماء وهبة
صحيفة الاتحاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق