الجمعة، 13 أغسطس 2010

أحمد عبدالعزيز: الخط العربي مستودع كل الفنون التشكيلية

تأثر الفنان التشكيلي أحمد عبدالعزيز الدجوي بالفنون الإسلامية بحكم نشأته وسط عائلة فنية ترتبط أعمالها بالتراث الاسلامي، فأحد أجداده يُدرس اللغة العربية ويكتب المصحف الشريف بخط يده مرتين، والجد الآخر كان شيخ فن الخيامية في مصر وشارك في أعمال الكسوة الشريفة. وقد ساعدت نشأته في تعلقه بالتراث الإسلامي حيث ولد في الحلمية الجديدة بمنطقة القلعة التي تحتوي على معظم الآثار الإسلامية، مما أكسبه رؤية فنية واسعة. ويقول إن تلك الآثار بها الكثير من الزخارف الخطية التي جعلته يتأثر بجماليات الخط العربي إضافة الى اللوحات الفنية والاثرية التي كانت تمتلكها العائلة، ثم تعمق بعد ذلك في دراسة أسس وقواعد هذا الخط من خلال دراسته في كلية الفنون التطبيقية


أحمد عبدالعزيز: الخط العربي مستودع

يقول الفنان أحمدأنه خريج كلية الفنون التطبيقية دفعة 1968، وقد شهدت تلك الفترة ظهور بعض الفنانين الذين تناولوا الحرف العربي أمثال عمر النجدي وطه حسين ورمزي مصطفى وأحمد مصطفى وآخرين، لكنهم كانوا يتناولونه بشيء من الحداثة مستخدمين الأسس الفنية للعمل الفني من التكرار والتماثل والتناسق، فتحول الخط العربي من خط أصيل له أسسه وقواعده الى خط حداثي.

وأوضح ان الخط العربي ينقسم الى نوعين، خط جاف وهو الخط الكوفي ومشتقاته، وخط لين مثل الخطوط الخمسة المعروفة “النسخ والثلث والفارسي والديواني والرقعة”، وهي الخطوط اللينة التي تتطلب نوعاً من الليونة والاستمرار في الكتابة، ومن خلال النسب المعينة للخط العربي بدأ يتعامل معه بالتنغيم والترديد والتكرار في أعمال فنية تحتوي على كلمة واحدة فقط وكانت أول كلمة في لوحات تلك المجموعة هي لفظ الجلالة “هو” وخرج منها بأشكال، كانت عبارة عن معالجة للكتلة في فراغ اللوحة.

وقال إنه ترك الحرف يفرض ذاته على فراغ اللوحة حتى بلغت تلك المجموعة 35 لوحة تم عرضها في السودان عام 1987، وكانت تجربة ناجحة حيث استطاع ان ينتج أعمالا فنية من خلال تيمة واحدة أو كلمة أو لفظ واحد، مما شجعه لأخذ اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبدأ يتعامل معه بالتنغيم في حوالي 30 لوحة.

وأضاف انه تعرض في أعماله الفنية المعاصرة لمجموعة من التقنيات والمعالجات للتعامل مع الخلفيات الباتيك والكتابة عليها في أشكال جديدة ومستنبطة من علاقة اللون بالخط العربي.

ومن الأعمال التي قام بتصميمها عملة أصدرتها مصلحة صك العملة عام 1986 تحمل ذكرى الكعبة الشريفة، الى جانب برنامج مجموعة الرسالة التي تحكي الأحداث التي غيرت مجرى الإسلام فى 13 حدثاً تبدأ ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنتهي بحجة الوداع.

وأكد أن الخط العربي من الفنون الجميلة وليس من الحرف كما يقول البعض فالفنون التشكيلية تقوم على أسس معينة تبدأ بالنقطة والخط والمساحة والحجم واللون والضوء والتكرار والتماثل والتوازن، والخط العربي يحقق كل هذه الأسس لأن الحرف العربي هو عبارة عن كتلة تتحرك في فراغ، وعلى الفنان أن يقوم بضبط هذه العلاقة، والفن بصفة عامة هو عبارة عن تحرك كتل في فراغ، الكتل سواء كتلة شكلية او لونية وهذا ما يحققه الخط العربي، وهذا لا ينفي وجود جزء من الصنعة في الخط العربي، حيث يعتمد على نوعين من الكتابة الأول تدويني للتحرير والتسجيل، والثاني كتابة التجويد للتحسين والإتقان.

كما أكد أن ظهور الكمبيوتر لن يؤثر على الخط العربي او كما يقول البعض إنه سيندثر أو يتوقف نموه بل إنه كلما تقدم الكمبيوتر زاد احتياجنا للعمل الفني من الخط العربي، ففي مجال الكتاب والصحافة هناك عنوان ونص، ولا يمكن للخطاط أن يكتب هذا الكم من الحروف.

وإذا عدنا الى العصور الإسلامية فسنجد أن المصحف الشريف كُتب بخط النسخ، بعد تجريب الكثير من الخطوط، حيث كان يكتب في العام الهجري الأول بالخط الكوفي أو كوفي المصاحف وبعد ذلك كتب بالعديد من الأنواع، ولكن لم يستمر إلا خط النسخ، لأنه عبارة عن كتلة مريحة للنظر في محيط الفراغ الخاص بها، وفي خطوط الكمبيوتر هناك خط اللايت ويقابله خط النسخ، وخط الميديم شبيه الخط الفارسي وخط بولد مثل خط الثلث ولا يمكن كتابة المصحف كاملا بخط الثلث لأنه سيكون غير مريح للعين في القراءة، وذلك من الأشياء التي جعلت خط النسخ هو الخط المفضل لكتابة المصاحف وكتابة حروف الطباعة، نظرا لتوازن علاقة كتلة الحرف مع مساحة فراغه، وهذا من خلال تخصصي كأستاذ تكنولوجيا الطباعة بكلية الفنون.

وأوضح أن الخط العربي يجسم كل الفنون كأحد العناصر الإسلامية الأربعة في الفن الإسلامي، وهو فن متكامل يستطيع أن يقف الى جوار الفنون الأخرى، ويعتبر قيمة وعنصرا إسلاميا يمكن ان يحتل مكانة كبيرة بين الفنون العالمية.

مجدي عثمان
صحيفة الاتحاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق