بدأ الفنان التشكيلي سامي رافع التعامل مع جماليات الخط العربي في تجربة جادة وجديدة تبتعد عن الصبغة الزخرفية للخط العربي التي أنتج من خلالها فنانون آخرون أعمالهم الفنية مع أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي وأسفرت التجربة عن إنتاج 25 لوحة ضمها معرضه الذي أقيم في قاعة معهد جوته عام 1974 تحت عنوان “أسماء الله الحسنى” حيث تعامل مع الأسماء مترجماً الرسم كمعنى لتلك الأسماء أو الصفات فهو تصوير لأسماء الله الحسنى وليس كتابتها بحيث يحمل شكلها معناها، بعد أن يضع الحروف في شكل جمالي خاص يرتكز على أساليب الفن الحديث وخاصة التجريد.

مرحلة استلهام الخط العربي أو المرحلة الحروفية لدى د. سامي رافع تختلف كثيراً عن أعمال بعض الفنانين أمثال عمر النجدي وفتحي جودة ويوسف سيده وطه حسين وكمال السراج، فلم تكن تعنيه قواعد فن الخط التقليدية قدر استيعاب الجمهور للمعنى داخل اللوحة.
وساهمت نشأته في حي السكاكيني بالقاهرة حيث ولد عام 1931 في التعرف على جمال وروعة القاهرة القديمة وكانت بداية حبه للفن، كما كان مشواره اليومي سيراً على الأقدام من منطقة السكاكيني حتى مدرسة السلحدار الابتدائية الملاصقة لباب الفتوح بالقاهرة القديمة بالقرب من شارع الجيش حاليا وما كان يمر به في طريقه من آثار إسلامية عريقة تحيط بمدرسته بداية لارتباطه بالزخارف الإسلامية وكتابات الخط العربي التي تزينها منحوتة بارزة أو مكتوبة ومذهبة، إضافة الى ما تفتحت عليه عيناه من الصور الشعبية خاصة تلك التي كان يطالعها في المواسم والاحتفالات بموكب الخليفة الذي يحتشد بالبيارق والأعلام.
ويقول: هناك فترة في حياة الفنان يجتر فيها نوعاً معيناً من الأشكال تم تخزينه في ذاكرته البصرية، ووضح ذلك في تناولي لأسماء الله الحسنى في لوحات لا تزيد مساحتها على 80 80x سم وقد اشتغلت عليها ما يقرب من 7 أشهر وتركت نفسي للخط العربي تبعاً لانفعالاتي التي أوجدت حلولاً تشكيلية بعد عمل الكثير من الرسوم التحضيرية الملونة فكانت بمثابة الولادة الجديدة للخط العربي.
وأضاف: من الأسماء الحسنى ما كان يصعب التعامل معه بطريقتي التي تعبر عن المعنى من خلال الرسم فكنت أتركها وأنتقل الى صفة أخرى خاصة وأن الحل التشكيلي للمساحة المربعة التي اخترتها كمسح تصويري يحتاج الى حسابات رياضية وجمالية كثيرة.
ويؤكد ارتباطه بالخط العربي الذي شكل أغلب تصميماته في الأعمال الفنية العامة بعد فترة السبعينيات وحتى هذه اللحظة واستمده بشكل غير مباشر من الموروث الثقافي حيث إن البيوت المصرية تزين جدرانها بلوحات خطية او كلام مكتوب مثل “الصبر مفتاح الفرج” و”من صبر ظفر” و”الصبر جميل” وغيرها، وذلك موروث زال منتشراً في القرى المصرية.
وأوضح أنه من خلال ذلك بدأ العمل على الكلمة المكتوبة بعد أن يضعها في قالب فني ويتحايل على تلك الكلمة ليعطيها صفة ويستطيع الجمهور أن يتعرف عليها عن طريق قراءتها، كما أنها قريبة الى مخاطبة عينه التي تعودت عليها في لوحات منزله، ولذلك كانت فكرة الاقتناء او القيمة الدينية المدخل الرئيسي لربط فنه بالحروف العربية.
يقول: أضع لها شكلاً فنياً بسيطاً حتى أحقق هدفاً يلح عليّ منذ زمن بأن يكون الفن للجماهير، وربما كان ذلك من الأسباب الأولى لاختيار قسم الديكور في كلية الفنون الجميلة لما له من علاقة وثيقة بالجماهير خاصة وأنه الفن الوحيد الذي تلتقي فيه المتعة بالمنفعة.
ويؤكد أنه منذ عام 1975 بعد ان أنتج آخر أعماله الحائطية او لوحات المعرض ترك فن المعلقات أو فن المتاحف وتفرغ لرسالته “الفن للجماهير” حيث إن العمل المقتنى به اختلافات في طريقة التذوق، وأن الصورة أو اللوحة عمل يراه المشتري وحده فقط أو المجموعة التي تحيط به، وذلك موت للإبداع الفني.
وقال إن ما عزز فكرته تلك ما رآه من انبهار الجمهور بعمله الصرحي “النصب التذكاري للجندي المجهول” والذي يعد من أكبر الأعمال الفنية المقامة في فترة السبعينيات وتم بناؤه عام 1975، بتكليف من وزارة الإسكان بعد أن حصل على الجائزة الأولى بين 29 فناناً من الذين تقدموا في المسابقة.
وأضاف أنه لم يجد أنسب من الحروف العربية لتملأ مسطحات الشكل الهرمي للنصب التذكاري خاصة وأن لديه خبرة سابقة في التشكيل الجمالي لتلك الحروف.
وقد استوحى رافع فكرة النصب التذكاري من الربط بين الفن الفرعوني في شكل الهرم الذي يمثل رمز الخلود في مصر القديمة ومقبرة الملوك والحضارة الإسلامية العربية من خلال استخدام الحروف العربية في كتابة الأسماء الرمزية لشهداء أكتوبر. وأوضح أن سبب اختياره للخط الهندسي على قوائم الشكل الهرمي للنصب التذكاري جاء من أجل ألا يترك فراغاً بين الأسماء، وكذلك حتى يكون مقروءاً.
وقال إنه استخدم أيضا الكتابات في تصميم عدد من أغلفة الكتب والطوابع التذكارية والبوسترات ومنها تصميم بوستر الأزهر في ألف عام، وكذلك النصب التذكاري لمدينة السادات المقام على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، والذي جاء كعمل نحتي مستغلاً فيه كلمة السادات بحروف بارزة على غرار نصب الجندي المجهول وقام بالأمر نفسه عند تصميمه لنصب مدينة العاشر من رمضان، مؤكداً أن ذلك الفن الذي يخاطب الجماهير في الأماكن العامة يستطيع أن يرتقي بالذوق العام ويتضح نجاحه من خلال استقبالهم له والتعامل البصري اليومي معه.
مجدي عثمان
صحيفة الاتحاد

مرحلة استلهام الخط العربي أو المرحلة الحروفية لدى د. سامي رافع تختلف كثيراً عن أعمال بعض الفنانين أمثال عمر النجدي وفتحي جودة ويوسف سيده وطه حسين وكمال السراج، فلم تكن تعنيه قواعد فن الخط التقليدية قدر استيعاب الجمهور للمعنى داخل اللوحة.
وساهمت نشأته في حي السكاكيني بالقاهرة حيث ولد عام 1931 في التعرف على جمال وروعة القاهرة القديمة وكانت بداية حبه للفن، كما كان مشواره اليومي سيراً على الأقدام من منطقة السكاكيني حتى مدرسة السلحدار الابتدائية الملاصقة لباب الفتوح بالقاهرة القديمة بالقرب من شارع الجيش حاليا وما كان يمر به في طريقه من آثار إسلامية عريقة تحيط بمدرسته بداية لارتباطه بالزخارف الإسلامية وكتابات الخط العربي التي تزينها منحوتة بارزة أو مكتوبة ومذهبة، إضافة الى ما تفتحت عليه عيناه من الصور الشعبية خاصة تلك التي كان يطالعها في المواسم والاحتفالات بموكب الخليفة الذي يحتشد بالبيارق والأعلام.
ويقول: هناك فترة في حياة الفنان يجتر فيها نوعاً معيناً من الأشكال تم تخزينه في ذاكرته البصرية، ووضح ذلك في تناولي لأسماء الله الحسنى في لوحات لا تزيد مساحتها على 80 80x سم وقد اشتغلت عليها ما يقرب من 7 أشهر وتركت نفسي للخط العربي تبعاً لانفعالاتي التي أوجدت حلولاً تشكيلية بعد عمل الكثير من الرسوم التحضيرية الملونة فكانت بمثابة الولادة الجديدة للخط العربي.
وأضاف: من الأسماء الحسنى ما كان يصعب التعامل معه بطريقتي التي تعبر عن المعنى من خلال الرسم فكنت أتركها وأنتقل الى صفة أخرى خاصة وأن الحل التشكيلي للمساحة المربعة التي اخترتها كمسح تصويري يحتاج الى حسابات رياضية وجمالية كثيرة.
ويؤكد ارتباطه بالخط العربي الذي شكل أغلب تصميماته في الأعمال الفنية العامة بعد فترة السبعينيات وحتى هذه اللحظة واستمده بشكل غير مباشر من الموروث الثقافي حيث إن البيوت المصرية تزين جدرانها بلوحات خطية او كلام مكتوب مثل “الصبر مفتاح الفرج” و”من صبر ظفر” و”الصبر جميل” وغيرها، وذلك موروث زال منتشراً في القرى المصرية.
وأوضح أنه من خلال ذلك بدأ العمل على الكلمة المكتوبة بعد أن يضعها في قالب فني ويتحايل على تلك الكلمة ليعطيها صفة ويستطيع الجمهور أن يتعرف عليها عن طريق قراءتها، كما أنها قريبة الى مخاطبة عينه التي تعودت عليها في لوحات منزله، ولذلك كانت فكرة الاقتناء او القيمة الدينية المدخل الرئيسي لربط فنه بالحروف العربية.
يقول: أضع لها شكلاً فنياً بسيطاً حتى أحقق هدفاً يلح عليّ منذ زمن بأن يكون الفن للجماهير، وربما كان ذلك من الأسباب الأولى لاختيار قسم الديكور في كلية الفنون الجميلة لما له من علاقة وثيقة بالجماهير خاصة وأنه الفن الوحيد الذي تلتقي فيه المتعة بالمنفعة.
ويؤكد أنه منذ عام 1975 بعد ان أنتج آخر أعماله الحائطية او لوحات المعرض ترك فن المعلقات أو فن المتاحف وتفرغ لرسالته “الفن للجماهير” حيث إن العمل المقتنى به اختلافات في طريقة التذوق، وأن الصورة أو اللوحة عمل يراه المشتري وحده فقط أو المجموعة التي تحيط به، وذلك موت للإبداع الفني.
وقال إن ما عزز فكرته تلك ما رآه من انبهار الجمهور بعمله الصرحي “النصب التذكاري للجندي المجهول” والذي يعد من أكبر الأعمال الفنية المقامة في فترة السبعينيات وتم بناؤه عام 1975، بتكليف من وزارة الإسكان بعد أن حصل على الجائزة الأولى بين 29 فناناً من الذين تقدموا في المسابقة.
وأضاف أنه لم يجد أنسب من الحروف العربية لتملأ مسطحات الشكل الهرمي للنصب التذكاري خاصة وأن لديه خبرة سابقة في التشكيل الجمالي لتلك الحروف.
وقد استوحى رافع فكرة النصب التذكاري من الربط بين الفن الفرعوني في شكل الهرم الذي يمثل رمز الخلود في مصر القديمة ومقبرة الملوك والحضارة الإسلامية العربية من خلال استخدام الحروف العربية في كتابة الأسماء الرمزية لشهداء أكتوبر. وأوضح أن سبب اختياره للخط الهندسي على قوائم الشكل الهرمي للنصب التذكاري جاء من أجل ألا يترك فراغاً بين الأسماء، وكذلك حتى يكون مقروءاً.
وقال إنه استخدم أيضا الكتابات في تصميم عدد من أغلفة الكتب والطوابع التذكارية والبوسترات ومنها تصميم بوستر الأزهر في ألف عام، وكذلك النصب التذكاري لمدينة السادات المقام على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، والذي جاء كعمل نحتي مستغلاً فيه كلمة السادات بحروف بارزة على غرار نصب الجندي المجهول وقام بالأمر نفسه عند تصميمه لنصب مدينة العاشر من رمضان، مؤكداً أن ذلك الفن الذي يخاطب الجماهير في الأماكن العامة يستطيع أن يرتقي بالذوق العام ويتضح نجاحه من خلال استقبالهم له والتعامل البصري اليومي معه.
مجدي عثمان
صحيفة الاتحاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق